غوغل تعلن اعتزامها طرح نظام تشغيل ثوري

فيما اعتبرها المراقبون خطوة تحدٍّ لعرش مايكروسوفت
«غوغل» تعلن اعتزمها طرح نظام تشغيل ثوري




في خطوة سارع المراقبون إلى وصفها بأنها جاءت لتمثل «تحدياً مباشراً» لعملاق صناعة البرمجيات العالمي مايكروسوفت، أعلنت غوغل انها بصدد الإعداد لطرح نظام تشغيل جديد لأجهزة الكمبيوتر يكون مرتبطا بمتصفح «غوغل كروم» الذي تمتلكه الشركة ذاتها ايضاً.
من ناحية أخرى، قالت غوغل ان نظام التشغيل الجديد هذا الذي سيكون اسمه الكامل «نظام تشغيل غوغل كروم» Google Chrome OS، يعتبر أساسا موجها للاستخدام في الشبكات الصغيرة والحواسيب المحمولة المعروفة باسم «نيتبوكس» التي قفزت مبيعاتها بسرعة فاقت تلك التي سجلتها الحواسيب الأخرى، فضلاً عن ان النظام الجديد كما ترى الشركة المصدرة له، سيكون قابلا للاستعمال على جميع أنواع الأجهزة لاحقا، ولذلك فانه من المرجح كما يرى محللون، ان تشحذ هذه الخطوة المنافسة المحتدمة أصلاً بين شركتي غوغل ومايكروسوفت صاحبة نظام ويندوز، الذي ما يزال المسيطر الرئيسي على جميع الوظائف الاساسية في غالبية أجهزة الكمبيوتر الشخصية!

السرعة والبساطة والأمان
وحسب سندار بيشاي نائب رئيس إدارة المنتجات في غوغل فإن: «السرعة والبساطة وأمن الجوانب الاساسية» هي أهم ما يميز نظام تشغيل كروم الجديد، واما زميله لينوس يوبسون مدير الهندسة فقد كتب يقول على مدونة الشركة، ان هذه الأخيرة: «صممت نظام تشغيل سريع وخفيف سيكون كفيلا ببدء العمل والدخول على ويب خلال ثوان قليلة جدا»، اما بخصوص موعد اطلاق هذا المنتج الجديد، فإن مصادر الشركة تقول انه سيتم خلال موعد لاحق من هذا العام على شبكة الانترنت وتحت رخصة المصادر المفتوحة Open Source وهي ذلك النوع من المصادر الذي يسمح للمبرمجين من خارج الشركة بادخال ما يرونه مناسبا من تعديلات تتوافق ومتطلباتهم قبل ان يجري رسميا البدء في طرحه للبيع تحت إطار البرمجيات الجديدة، في أجل أقصاه ربيع عام 2010 المقبل، وعلى هذا الأساس يرى مراقبون ان شركة غوغل تعتقد ان مجال أجهزة «النيتبوكس» لوحدها، تمثل الفرصة الحقيقة التي في مقدورها تحدي هيمنة مايكروسوفت كما يقول لاري اوغستين المستثمر البارز في عدد من شركات وادي السيلكون، حيث يمتلك مقعدا في عدد مهم من الشركات المتخصصة في برمجيات المصادر المفتوحة.

زحزحة «مايكروسوفت»
إلى هذا، قال محللون أميركيون إن شركة غوغل، على الرغم من كل ما باتت تملكه من مصادقية وحضور بارز على المستوى العالمي، ما تزال غير قادرة على منافسة شركة مايكروسوفت في ما يتعلق بأنظمة التشغيل، نظرا لرسوخ هذه الأخيرة في البرمجيات، اضافة الى ان عددا كبيرا ايضاً من الشركات الاخرى، كانت قد حاولت سلوك الطريق ذاته وزعزعة هيمنة مايكروسوفت عن موقع الريادة «الا ان جهودها حتى الآن، باءت بالفشل».
ولكن هذا ايضاً لا ينفي حقيقة ان غوغل تنظر إلى مستقبل الحواسيب وفق رؤية تعتبر الانترنت مركزا فيها، ولذلك يقول محللون ان غوغل من خلال طرحها لبرمجيات تركز على الانترنت ستستحوذ وبشكل مطرد، على مساحة اكثر مركزية من السوق، بشكل يجعل يرامجها قادرة على ان تحل محل تلك البرمجيات التي صممت اساسا للعمل على سطح المكتب عبر تشغيل تطبيقاتها مباشرة من خلال متصفح الانترنت «كروم»، وليس اعتمادا على نظام التشغيل ومستوى البرامج التي هي الطريقة التي تسيطر على معظم عمليات الكمبيوتر.
بطريقة اكثر وضوحا: ان شركة غوغل تسعى الى ايجاد برمجيات تكون فاعليتها مبنية على الانترنت وجودة الاتصال بها اكثر من اعتمادها علىجهاز الحاسوب المتوفر ونوعية البرمجيات المثبتة فيه، وهذا يعني بكل بساطة، ان استراتيجية غوغل لا تهدد المصالح الحيوية لمايكروسوفت وعوائدها التجارية الضخمة من تسويق نظام ويندوز فحسب، ولكنها تهدد كل عمليات صناعة بيع البرمجيات التي تعمل على الحواسيب!
هذا ما يمكننا فهمه من خلال ملاحظة قول غوغل ان النظام الجديد سوف يحتل ادنى حد ممكن من واجهة المستخدم بشكل يسمح له باستغلال معظم الفضاءات الاخرى من الشاشة لاجل التطبيقات حيث ان: «جميع التطبيقات القائمة على الشبكة سوف تعمل تلقائيا فضلا عن ان التطبيقات الجديدة سوف يكون من المتاح توظيفها عبر استخدام تقنية الصفحات المفضلة لديك».

دواعٍ تسويقية
الى هذا قالت صحيفة نيويورك تايمز انه كان من المقرر ان تعلن غوغل عن نظام التشغيل الجديد هذا اخيراً، لكنها عدلت عن ذلك بعد ان قامت الصحيفة ذاتها من خلال موقعها على الويب بالكشف عن الخطوط العريضة من المشروع الجديد لغوغل، مثلما فعلت شركة Ars Technica هي الاخرى، عشية ذلك الموعد ما جعل غوغل تعدل عن قرارها وتؤخر الكشف عن النظام الجديد اسبوعاً كاملاً حتى هذا الموعد، لاسباب تسويقية بالدرجة الاولى وحتى تحافظ على السبق وبالتالي، ضمان بلوغ الاعلان اقصى مدى ممكن له وهذا ما حدث فعلا حيث صار الخبر ابرز موضوع على موقع «تويتر» وتجاوز خبر تشييع الفنان الراحل مايكل جاكسون دقائق قليلة بعد نشره!

المنافسة تستمر
ثم ان غوغل لا تعتبر جديدة في هذا المضمار، فلقد سبق لها ان اعلنت العام الماضي عن طرح متصفح «كروم» الذي وصفته بأنه ليس مجرد متصفح فقط وانما «اداة لتمكين المستخدمين من التفاعل مع الويب والبرامج القوية المطروحة عليه كنظام البريد الالكتروني غيميل» وبرامج غوغل للمستندات، وغيرها من التطبيقات التي انتجتها شركات اخرى ومنذ ذلك الحين، عمدت غوغل الى تقوية طريقة اداء تفاعل متصفحها كقدرته على اداء الطلبات حتى في حال كون المستخدم غير متصل بالانترنت!
بالتالي فإن من الطبيعي ان تستنفر مايكروسوفت منذ ذلك الوقت وحتى الساعة ومستقبلا ايضا، كامل طاقتها، وها هي تسرع عمليات عرض انظمة التشغيل ويندوز اكس بي للاستخدام على الحواسيب المحمولة فضلا عن تعهدها بأن نظام ويندوز القادم «ويندوز 7» المقرر طرحه خلال فصل الخريف المقبل، سوف يكون مثاليا للاستعمال على هذا النمط من الحواسيب خصوصا في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي الحاد الذي كان فرصة تزدهر فيها الانظمة القوية زهيدة الكلفة والحواسيب الصغيرة قليلة الاستهلاك وبالغة المرونة!