انتهى المشوار
صديقتي....
لم يبق منّا ما يغري بالوقوف
فدروبنا وعرِت
وزرعت في خصورنا السيوف
وكنّا ننعي غيرنا
فراح ينعينا الألوف
صديقتي ...
سفننا قد أوشكت على الغرق
والنار قد استعرت فوق الحدق
وحبنا قد أبحر
وظنّه أن يعبر البحار
ويسكن الخلجان
ويكشف جزراً جديدة
ويضع أعلامه الحمراء أينما وصل
قد أبحر ولكن – وآهٍ من لكن -
في زورق من ورق
وتطلبين من ركابه رغم ذلك
أن يطردوا الخوف ويهجروا القلق
صديقتي ...
حمامنا الزاجل مكسور الجناح
وبقاؤنا قشة تذروها الرياح
ورباننا يوجه الدفة
في العاصفة دونما ارتياح
وأنت تتجملين وتتعطرين
وتبدلين كل يوم خمسين وشاح
وتضعين الكرز فوق الشفتين
وفوق الخد تلصقين التفاح
صديقتي ...
قد اعترى آمالنا الجماد
وأجفانُنا قد عذبها السهاد
وألواننا قد اعترتها العتمة
وأبيضها صار حالك السواد
صديقتي ...
أقدامنا مكسرة
والطريق إلى حلمنا جداً طويل
وأن نمسك القمر دونما عناء
ودونما بكاء ذاك أمرٌ مستحيل
لم يعد لنا بين العصافير
ولا النجوم مكان
فآثرت – واعذريني – الرحيل
فقد تناثر كل الذي زرعنا
واقتُلع من جذوره النخيل
وراحت المآذن كل يومٍ
تكبّر على ألفي قتيل
لم يعد بمقدورنا الوقوف ولا الصمود
فجأشنا الذي تعرفينه
صار غضاً ورقيقاً وعزمُنا صار نحيل
صديقتي ...
انتهى مشوارنا الذي
أخذه معه الربيعُ
وأزهارنا التي سقُيت من دموعي
ترى ما تستطيع أن تفعله الدموع
ففي ذاك الحقل ارتمت الأماني
وانهارت نخِرَةً فيه الجذوع
فشمس عينيك غابت كثيراً
فما عاد يرضيني منها الطلوع
أحبك ؟ نعم . ولكن اعذريني
فالقدر سيّدي وله عليّ الخضوع
فلا تعجبي لجهنّمي الخامدة
فنيراني قد أطفأها الصقيع.