(الأرقام)
لولاھا، لما وجد الإقتصاد، لما كان لأجھزة الكمبيوتر وجود، لما تمكنا من الوصول الى
نتائج الإنتخابات، و ربما لما كان باستطاعة ليوناردو دافنشي تصميم "الرجل المثالي".
إلا أن الأرقام ليست أمراً غريزياً نشأ مع الإنسان، فقد مرت بعملية تطور و تحسين بطيئة
و متعبة استمرت لقرون طويلة من الزمن.
قام دافنشي بتصميم "الرجل
المثالي" نتيجة دراستھ
للتشريح.
النسب التي استخدمھا في
التصميم تعتمد على عمليات
رقمية في غاية الدقة.
بدلاً من الأرقام، استخدم الإنسان في الماضي كل الوسائل التي
كانت متوفرة لھ من أجل العد: العصي، العُقد، الخطوط ،
و أصابع اليدين و القدمين... و قام بعمل ثقوب و شقوق على
قطع الخشب أو العظام و التي يمكننا مشاھدة استعمالھا فيما
يعود الى العصر الحجري؛ حيث يعتقد العلماء أن الإنسان
استخدمھا لعد ما قام باصطياده من حيوانات أو لإحصاء
ممتلكاتھ من الماشية... يعود أول ما تم اكتشافھ الى 30 ألف
عام مضى.
الإنسان غير قادر على عد الأرقام الكبيرة بالنظر وحده لھذا
فھو يقوم دائماً بالعد المباشر أو يلجأ الى استخدام عمليات
عقلية تسھل ھذه العملية: فمثلاً لعد حبات الفواكھ في صندوق
معين، يقوم بعد وضرب الأرقام في كلا الإتجاھين ثم يضرب
الناتج في عدد الصفوف الأفقية التي يحتوي عليھا الصندوق.
الدماغ البشري قادر على التعرف بالنظر فقط على ما لا
يتجاوز الأربعة؛ و فيما ھو أعلى من ذلك – يقوم باستخدام
الأساليب الأخرى.
الأرقام مفيدة ليس في العد فقط؛ بل في العمليات الحسابية (أي
في استخدام مجموعات مختلفة منھا من أجل الوصول الى
معلومات اضافية)... إلا أن الشعوب القديمة لم تستخدم
الرموز الرقمية في عمليات العد و الحساب، بل استخدمت
من ...Abacus أشياء أخرى أشھرھا ما ھو معروف بإسم
الأمثلة الأخرى، نجد شعوب الإنكا التي استخدمت ال
الذي احتوى على خيوط محتوية على عُقد بقياسات Quipos
مختلفة؛ استمر استخدام ھذا النظام في أمريكا الجنوبية بين
القرنين الثاني عشر و التاسع عشر... نجد كذلك
السومريين الذين ابتدعوا علاقات بين أشكال و أرقام لا تزال
تستخدم اليوم للإشارة الى عمليات حسابية : (مخروط
.( صغير = 1، كرة صغيرة = 10 ، مخروط كبير = 60
بعض الحضارات وجدت أنھ من المفيد ابتداع رموز محددة
للأرقام لتسھيل استخدامھا... لكن البعض اعتقد أن استخدام
رموز جديدة لتمثيل الأرقام سيكون أمراً معقداً؛ لھذا السبب
نجد أن العبرانيين استخدموا نفس أحرفھم الأبجدية لتلك
الغاية... أما الشعوب التي اخترعت رموزاً مستقلة لتمثيل
ھنا يوجد خطأ "مطبعي": فبدلاً من
الثقب، كان يجب أن تتم قراءة
الجزء التالي.
الثقب يساوي 10 (قاعدة العد ھي
120 )... الرمز التالي يشير الى نوع
من الحبوب.
. الثقبان يمثلا الرقم 20
.120 = (2x قيمة الھلالين = ( 60
الرمز التالي يمثل مقاييس صنع
البيرة... ھناك إشارات حول كمية
الشعير المطلوبة لصنع 120 قدحاً
من البيرة.
60 مقداراً من أحد المنتجات
البقولية.
ھذه وصفة صنع خمس (البروزات
في أعلى اليسار) أباريق (الرسم
المدبب في الوسط) كبيرة (الرسم في
الزاوية السفلى الى اليسار).
ھنا يظھر رقم أكثر تعقيداً:
.1800 = 1200+(5x120)
وصفة صنع البيرة من
بلاد الرافدين على لوح
يعود الى العام 3000
قبل الميلاد.
الترجمة تمت في معھد
ماكس بلانك و جامعة
فريلين بألمانيا.
لكل شعب رموزه الخاصة
بعض الأساليب المتبعة (أو التي اتبعتھا شعوب في الماضي) لتمثل الأرقام...
الرقم 1 ممثل في معظم الحالات بنقطة أو عود عاموي؛ يذكرنا بالرموز التي تم
اكتشافھا على عظام أو قطع خشبية تعود الى ما قبل التاريخ.
الأرقام فقد اتجھت الى اختيار رموز مرسومة بدءً (في معظم
الحالات) بنقطة أو عصا لتمثيل الرقم 1... ھكذا، و بصورة
متزامنة، أنشأت كل حضارة نظامھا الرقمي؛ أي عدد
الرموز المستخدمة لتمثيل الأرقام... نحن نستخدم اليوم النظام
العشري لأنھ مكون من عشرة أرقام... إلا أن الأنظمة
الرقمية التي استُخدمت في السابق كانت مختلفة؛ فھناك
النظام المعتمد على إثني عشر رقماً، و ھناك النظام المعتمد
على 20 (المايا)، و النظام المعتمد على 60 (السومريون).
المستخدم فيما يخص Binary اليوم يوجد أيضاً النظام الثنائي
أنظمة الكمبيوتر... أنظمة تعتمد على عدد صغير جداً من
الأرقام (كالنظام الثنائي) تبدو بسيطة، إلا أنھا تنتج أرقاماً
طويلة جداً مما يعقد الأمور: 150 في النظام الثنائي ھو
10010110 ... أكثر الأنظمة عملية ھو النظام المعتمد على
12 رقماً، لكن الإنسان اختار التوقف عند النظام العشري
و استخدامھ لسبب فسيولوجي : 10 ھو عدد أصابع يدينا.
بالإضافة الى العد و الحساب، الأرقام تمكننا كذلك من
القياس... القياس كان بالفعل ھاجس حقيقي للإغريق؛ ربما
لھذا لم يخترعوا الأرقام الحديثة... في القرن السادس قبل
الميلاد قال عالم الرياضيات الشھير بيثاغورس "كل شيء
رقم"... إلا أن أتباعھ – بعد ذلك بوقت قصير – واجھوا
مشكلة كبيرة؛ فقد وجدوا أنھ من المستحيل الحصول على
رقم "واقعي" عند قسمة محيط الدائرة على قطرھا... نعرف
الذي ? الآن أن الرقم الذي كانوا يبحثون عنھ موجود و ھو
لا يمكن تمثيلھ بقيمة محددة بأي عدد من الأرقام بعد
الفاصلة العشرية... و لھذا كان على علم الحساب الحديث
الإنتظار لألفية كاملة من الزمان للوصول إلى ھذه المعلومة.
ثورة الصفر
الرومان لم يتمكنوا من فھم ماھيتھ؛ لھذا لم يكن للصفر
وجود في النظام الرقمي الذي اتبعوه.
مشاكل كثيرة نتجت عن استخدام الأرقام الرومانية؛
(88) LXXXVIII فلنحاول مثلا أن نحصل على الرقم
11 ): لا يوجد أسلوب x
XI في الرقم VIII بضرب الرقم
يمكننا من ذلك باتباع نظام الترقيم الروماني... ليس ھذا فقط ؛
بل أن عملية العد البسيطة معقدة فيما يخص الأرقام الكبيرة
1 200 و 000 XII 12 كانت التي تبدو متشابھة جداً ( 000
.( XII كانت
مع ھذا فقد استمرت الأرقام الرومانية لقرون... و كذلك كان
الحال مع أنظمة الترقيم الأخرى: الصينية، المصرية،
اليونانية و السومرية... بكلمات أخرى: النظام الذي نستخدمھ
اليوم ليس واضحاً و بديھياً كما يظن البعض.
بدأت ثورة المفھوم الرقمي من الھند في القرن الخامس
الميلادي... بدأ مع ھذا فھم قيمة الرمز العددي تبعاً لموقعھ
في تركيبة الرقم ككل (فالعدد 5 لھ قيمة في الرقم 15 أصغر
من قيمتھ في الرقم 57 )... من المستحيل تحديد اسم الشخص
الذي اخترع ھذا النظام؛ إلا أنھ بإمكاننا تحديد العام الذي
ظھر فيھ؛ إنھ العام 458 للميلاد عندما ظھر كتاب ھندي
و فيھ تم استخدام Lokavibhaga عن علم الكونيات اسمھ